أسرار تحت الوسادة / للأستاذ الشاذلي دمق /

🍁 أسرار تحت الوسادة 🍁

(باغَتَها ...
ثم خاتَلَها ، وسحب القصيدة من تحت الوسادة ) .

هذا الرّجل
يستحوذني ..
يلتهمني ..
يَزْدَرِدُنِي بلا هضم ..
و يبتلعني كالعادة
 
كيف أنجو منه؟
أينما ولّيْت ألْفيْته قِبلتي ،
حتى عبير حلمه ،
ينساه فوق الوسادة

بصماتُه..
وَشْمُها ،
فوق أساوري ...
على الخاتم ..
على الأقراط ..
على القلادة ..

رسْم  بنانه ، على دُملجي
على الشّال الوردي ..
و الفستان المِزهري ..
نَفَسُه المُتَلَظِّي ،  ..
على قميصي القرمزي
والمنديل البنفسجي  ..
هذا الرّجل
ثَوَّارٌ  أبدا ،
على "حصان طروادة "

عيناه ،
مَشْنوقتان خلف ظهري
على المرايا ..
نظراته ،
مَرْشوقتان على ضفائري  و أمشاطي ..
حتى عطوراتي  ،
أسيرة أحكامه ..
دعاؤه ،
في مَسْمعي
يتذلّل على السّجّادة ..

غَضوب ،
حِمَمُه تسري في عظامي ..
رؤوم ،
ذِمَمُه تجري  في أوردتي  ..
و زيادة .

أحلامه ،
تخترقني ..
تتسلّق على جدران بيتي ..
تزحف على السّتائر ،
بلا هَوادة

نبضات قلبه ،
تسبقه
طَرْقا على الباب عِيادَة

آماله ،
نٌشوقُها في حِبره ،
تَقضم الأوراق ،
مثل أرَضة ..
مثل جَرادة ..

هذا الرّجل ،
لا زال نَهِمًا
يأكل عقلي ..
يشرب عمري..
يحتسي ظنّي ...
رجولتُه ،
نسْجُ جنوني ..
فُحولتُه ،
مصائد مُجوني..
هذا الغازي العَنتري ،
فاتحٌ بربريّ
لأقفالي المعلّقة
على صَوّان التّقاليد ،
و العادة ..

هذا الرّجل ،
يُمارس عليّ طقوس المَجوس
فيُسَبِّح بِحَمْدي
ثم يرميني في النّار ،
و يَذروني رَمادَا

هذا الرّجل
بِعُنفه الغَشوم  ، و قسوتِهْ .. 
بمراسيمه العَليّة ، و سَطوتِهْ ..
يملكُني حَوْزَتَهُ ...
و يُعيدني لزمن العبيد
و ما قبل الولادة ..

تُرى ،
هل شَعْري هذا ؟
أم ليله الطّويل عليّ وِفادة

أحمرُ الشّفاه هذا ؟
أم دمُه المسفوحُ
عليّ شهادة ؟ .

شراييني هذه ؟
أم مشانق المَسَد  ،
علّقها في جسمي للإبادة ؟

أحلامي هذه ؟
أم أحلامه هو ،
تلاحقني بلا هَوادة ؟ ..

عقلي هذا ؟
أم تلك رُؤاه ؟
شادها فوق حِجايَ
فنِعْم التشييد ، 
أو بئس الإشادة
 
أين أنا من ذاتي ؟
و وجودي ؟
أين كُنْهي ؟
أين  كياني ؟
هل تحللّتُ أنا  ؟
اضْمحلَلْتُ ؟
هل ذُوِّبْتُ فيه كأس عبادة ؟

هذا الرّجل ،
سَباني ...
شرّدني عن روحي ..
سلخني من نفسي ..
نَثَرني .. بَعْثرني ..  
سَلَب المُحال
و المُمكن منّي ،  
و تركني بلا إرادة

كيف أخرُج منه ؟
كيف أتسلّل و أستقيل ؟ 
وقد سلّمتُ له زِمامي
و مَنَحته على البياض
صكّ الرّيادة  و برج القيادة !

في الأخير ،
أحبّكَ يا رجلا ،
قتلتني شقاء ،
و قتلتني  سعادة  ...  ./ .

  ( قرأها .. ثم سجّل في أسفل القصيدة :
" سيّدتي ، الآن وهبتك كلّ مقاليد السّيادة "
و قبل أن يغادر ، عادَ ..
و  دسّ الورقة تحت غطاء الوسادة)

                                 الأستاذ
                             الشاذلي دمق

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة