رسائل مبعثرة / للأستاذ محمد حسن سلمان /
رسائل مبعثرة
شال وإبريق
بالنسبة لهذا الجرح ، في قدمي
احتاج لإثنتي عشر قطبة. حين سقطت في طفولتي
وكلف أمي الكثير الكثير من السهر والألم لأنها كانت منشغلة في غسيل ثياب أبي فغافلتها وتسلقت جدار البيت لأسرق حبات البرقوق الغضة .
ولايزال صوتها بأذني وهي تقول: إن الله يعاقبك ،
والغريب بالامر أنني انتظرت عقابه إلى آخر المساءولم يحصل ذلك
بيد أن أبي هو من قام بالأمر حين صلبني على الجدار وأعطاني دروساً بالأخلاق الحميدة
في تلك الأيام كان أبي حين يصلي يضع ابريق الماء أمام سجادة الصلاة
وكنت أعتقد بأن الله هاهنا في الإبريق
ربما يقفز ويصفعني كما يفعل عادة أبي فأحمله إلى المطبخ وأسمع أبي وهويرفع صوته و يقول الله أكبر الله أكبر
وفي عودتي من المطبخ أحضر شالاً لأمي وأضعه أمامه .
يهدأ أبي وتبدو على وحهه ملامح الاطمئنان
تأتي أمي بإبريق الشاي ساخناً وهي تحذرني من الاقتراب منه .
ينهي أبي صلاته وتجلس أمي فوق العتبة بقليل كاشفة عن صدرها لباب مفتوح على نسائم صيفية منعشة وقد أنهكها جلوس القرفصاء خلف صنبور الماء تجلي صحون فترة الغذاء .
يبدأ الحديث ببعض الاستفزازات الصغيرة وينتهي بنبرة لاتخلو من الشجار الذي اعتدنا عليه في قرانا هنا في جبال القلمون حيث تكون الغلبة لرجل البيت
هنا في القلمون تجدنا أمام أمهات منجبات يستيقظن قبل إشراقات الصباحات ويبدأن نهارهن بالعمل
لايعرفن طقوساً لتناول القهوة إلا قبيل عيد الأضىحى حيث تنتشر العرافات القادمات من حمص فتجتمع النساء في صحن الدار في مجلس قرائة الفنجان
وكانت أخبار الفناجين متشابهة ومحدودة
بين رسالة مفرحة في طريقها
وفرح قريب
وموسم وافر
وزعل
وجمعة ناس حول مائدة
ومولود وسفر ونجاح..وهكذا
اليوم وأنا في الخمسين
أتحسس جرح أمي على قدمي
نعم إنه جرح أمي وقد أتم الخامسة والأربعين
بينما أتمت هي عامها الثمانين
كلما زرتها
تحضر لي وسادة أضعها تحت جزعي
وتقول
تعبان ياماما
جوعان
اقليلك بيضتين
محمد حسن سلمان 31 5 2019
📷
📷
١٥تهاني محمود، سلمان علاء و١٣ شخصًا آخر
٨ تعليقات
مشاركة
تعليقات
إرسال تعليق