الله أكبر / للأستاذ نواف عبدالعزيز /
بمناسبة ذكرى الانتفاضة الفلسطينية والتي نعيش في أيام ذكراها. اسمحوا لي أن أعيد نشر قصيدتي " الله أكبر "
الله أكبر
نَـذْراً لِـحُـبِّـكِ مَـنْ مـاتـوا ومَـنْ وُلِـدوا
طُهْـراً لِـتُـرْبِـكِ مـا نَـزَّتْ دَمـاً جُـسُــدُ
فِـدىً لِـعَـيْـنَـيْـكِ مـا اشْـتاقَـتْ بنا مُهَـجٌ
إلـى الحـيـاةِ ومـا جـادَتْ بـهـا كَـبِــدُ
الطفلُ والشـيخُ فـي الـمـيـدانِ وامـرأةٌ
مـع الشــبـابِ أســودٌ كـلُّـهـم جُـلُـدُ
لـم يـثـنِ عَــزْمَهُـمُ غُـلٌّ ولا صَـفَـدُ
ولا الـعِـصِـيُّ ولا الـبـارودُ والـزَّرَدُ
كأنَّما الـطـفـلُ عِـملاقٌ قـدِ اجْـتـمعـتْ
لـه الـرجـولـةُ فـيها الـزِّنْـدُ والـرَّشَـدُ
مـا عـاد يُـعـجـبُـه فـي جِـدِّهِ لَعِـبٌ
ولـيـس يُـقْـنِـعُـه لَـهْـوُ الصِّـبـا و دَدُ
تِـرْبُ الـرجالِ و إنْ ما طَـرَّ شاربُـهُ
صِنْوُ الأُسـودِ و إنْ لـمْ يَكْسُـهُ اللَّـبَـدُ
حـتّـى العَـجـائِـزُ لـمْ تُـعْـدَمْ لَـهُـنَّ يَــدُ
والرّودُ و الثَّيِّبـاتُ الـعـونُ والـخُـرُدُ
قد كُنْتُ سـالِفَ عَهْدي شاعِـراً غَـزِلاً
أهوى الجمالَ و يَسْـتَهْـويـنِـيَ الـغَـيَـدُ
وأعـشـقُ الـقـدَّ مَـمْـشـوقاً و قافِـيَـتـي
يَـزِيـنُـهـا حَـوَرُ العَـيْـنَـيْـنِ و الـجَـيَـدُ
لكنَّني الـيـومَ قـلـبـي لا يَـروقُ لـــه
إلّا اللّـوى زانَهُـنَّ الـعُـنْـفُ والـجَـلَـدُ
واسْـتَنْفَرَ الشّـيخُ لـمْ يقعد به كِبَرٌ
أو ضَـعْـفُ بـاصِـرَةٍ فـيـه ولا دَرَدُ
الـعـاقـدُ الـعـزمَ جـيـلٌ عُـمْـرُهُ أملٌ
والصانعُ النصرَ كَـفٌّ رَمْيُها سَـدَدُ
نـاداهُمُ الحَقُّ فاسْـتَـضْـرَتْ لهم هِمَمٌ
كأنَّـهُـمْ – إذْ دَعـاهُـمْ واجِـبٌ – أُسُـدُ
قامـوا إلـى الثأرِ باسْمِ اللهِ وانْطَلَقَتْ
قَــوافِـلُ الـشُّـهَـداءِ الـغُــرِّ تَـطَّـرِدُ
وزَغْرَدَتْ جَنَّةُ الفِرْدَوْسِ مِنْ طَرَبٍ
تَـمُـدُّ أَذْرُعَـهـا : أهـلاً بِـمَـنْ وَفَـدوا
يَـبْـنـونَ بالـدَّمِ تـاريخـاً مُـصَـدَّقَـةً
بـه الـحـروفُ , فـلا زورٌ ولا فَـنَـدُ
رُواتُـه جُـثَـثُ الأبـطـالِ صــامِـتَـةً
ومَتْنُـهُ المِسْـكُ , نِعْمَ الـمَـتْـنُ والسَّـنَـدُ
يَـدٌ إلـى اللهِ مُـدَّتْ وَهْـيَ ضـارِعَـةٌ
وأنْــزَلَـتْ شَـرَّ نَـكْـلٍ بالـيَهـودِ يَـدُ
قـدْ كَـبَّـروا اللهَ وانْقَضَّـتْ بِهِمْ حِمَمٌ
تَـتْـرا فَـمـا اثَّـاقَـلـوا جُبْناً ومـا اتَّـأَدوا
اللهُ أكـبـرُ كـانَـتْ خَـيْـرَ مُـنْــطَــلَــقٍ
اللهُ أكـبـرُ إيـمـانٌ و مُـعْـتَـقَــدُ
اللهُ أكـبـرُ دَرْبُ الـنَّـصْـرِ مختصرٌ
هـي الـصِّـراطُ فـلا أَمْـتٌ ولا أَوَدُ
اللهُ أكـبـرُ عـيـنُ اللهِ تَـحْـرُسُـهُـمْ
اللهُ أكـبـرُ فـي سـاحِ الـوَغـى رَصَـدُ
اللهُ أكـبـرُ قـالوهـا فـكـانَ لَـهُـمْ
نصـرٌ مِـنَ اللهِ إذْ وَفّـوا بِـمـا وَعَـدوا
************************
راحوا إلى الفجرِ تَـجْـلـوهُ نَـضـارَتُـهُـمْ
أَحْيَـوْهُ مِـنْ غَـفْـوَةٍ فَانْـفَـضَّ يَرْتَعِـدُ
ووَلَّــدوا الـلَّـيْـلَ لـمْ تَـعْــسُــرْ وِلادَتُـهُ
فَـهَـبَّ مُـسْـتَـأْسِـداً مِـنْ تَـحْـتِـهِ الوَلَـدُ
عـادوا مـع الشَّـمْـسِ تُذْكيها شَـرارَتُـهُـمْ
واللّيْلُ ظُـلْـمَـتُـهُ فـي نـورِهـا وَأَدوا
وأَمْسَكوا الشَّـمْـسَ قالوا لَسْـتِ غــارِبَـةً
يا شـمسُ إنّـا و أنـتِ الـيـومَ نَـتَّـحِـدُ
و أَوْقَدوا الريحَ فَاسْتَشْرَتْ ضَـراوَتُـهـا
وزَلْزَلوا الأرضَ فَاهْتَزَّتْ بها العُمُدُ
وهَـبَّ مِـنْ غَـفْـلَـةٍ بُـرْكانُ ثَـوْرَتِـهِـمْ
ونَـفَّـضَ الـتُّـرْبَ عـنـه مـارِدٌ حَـرِدُ
وقـامَ مِـنْ رَقْـدَةٍ طـالَ الـنُّـعـاسُ بـهـا
و طالَ مِـنْ وَسَـنٍ فـي عينِه الـرَّمَـدُ
واسْتَنْزَلوا النَّجْمَ كَيْ يوروهُ مِنْ غَضَبٍ
ويَـنْـفُـثـوا فيه مِـنْ نيرانِ مـا وَجَـدوا
وأَوْمَضوا البرقَ فـي الظّلماءِ فانْقَشَعَتْ
طَوْعَ الوَميضِ دَياجيرُ الأَسى الرُّبُـدُ
واسْتَصْرَخوا الرعدَ فارْتَجَّتْ به سُحُبٌ
وبالـحِـجـارةِ صُـبَّ الـثـلـجُ والــبَـرَدُ
كـأَنـَّمـا الطَّـيـرُ بِالسِّـجّيلِ تَـرْفِـدُهُـمْ
تَـبـاركَ الـطـيـرُ والسـجـيـلُ والـرَّفَـدُ
ومَـنْـجَـنـيـقُ الـحَصى رايـاتُـه خَـفَـقَـتْ
فوقَ الـرؤوسِ و رَفَّتْ تحتَها الـنُّـجُـدُ
تَـأَلَّـقَ الـحَـجَـرُ الـمَـقْـذوفُ فـي أُفُــقٍ
يومي إلى النصرِ لا يَلْويهِ مُـضْطَهِـدُ
تَـبـاركَ الـسـاعِـدُ الـمَـفْـتـولُ قـاذِفَـةً
تـبـاركَ الـزِّنْـدُ والـمِـقْـلاعُ والـعَـضُـدُ
***********************
إيـهٍ فـلـسـطينُ قـد أشـغـلْـتِ كَـوْكَـبَـنـا
فـلـيـس يَـغْـفُـلُ بـالٌ عـنـكِ أو خَـلَـدُ
وأدهـشَ الناسَ مـا قـد شاهدوا عَـجَـباً
كـأنَّـه الـسِّـحْـرُ حُـلَّـتْ دونَـه العُـقَـدُ
لـكـنَّـه لـم يكنْ سِـحْـراً وقـد فُـقِـئَـتْ
عينُ الحَسـودِ وغِيظَ الحِقْدُ والـحَـسَـدُ
صَبْراً فلسطينُ لا تُـرْهِـبْـكِ شِـدَّتُـهُـمْ
فالنصرُ بالصبرِ عندَ البـأسِ مُـنْـعَـقِـدُ
صَبْراً علـى الـظـلـم ِإِذْ لاحَـتْ نِهايَـتُـه
سَـيَـنْـجـلـي لـيـلُـه والـحـزنُ والـكَـمَـدُ
ويبزُغُ الحقُّ فوقَ الهامِ في وَضَحٍ
مِــنَ الـنـهـارِ ولا هَـمٌّ و لا نَـكَــدُ
وتـشـرقُ الشمسُ يـومـاً عُـمْـرُه الأَبَـدُ
ويـبـسُـطُ الـكـونَ عـيـشٌ كـلُّـه رَغَــدُ
إنّـي فَـدَيْـتُـكِ بـالآيـاتِ مِـنْ أدبـــي
مِـنّـي الكـلامُ ومِـنْـكِ الـوَحْـيُ والـمَـدَدُ
وفي الشِّـغـافِ احْتَواكِ القلبُ قافِـيَــةً
أنـتِ الـنـشـيـدُ وإنّـي الشـاعِـرُ الـغَـرِدُ
م. نواف عبد العزيز
أبو عبادة
25/12/ 1988
تعليقات
إرسال تعليق