الاستشراق / للدكتور خيري مرسي غانم /

(1)

دكتور خيري مرسي غانم

عنوان البحث
الاستشراق

مقدمة

العلاقة بين الشرق والغرب في أبعادها المختلفة
********************

الشرق والغرب هما مجالان جغرافيان عرفا عبر التاريخ تحولات حضارية كبرى كان لها تأثير كبير على تطور المشترك الحضاري الإنساني.

علاقة الشرق بالغرب قديمة، وترجع إلى حقب جد موغلة في التاريخ.
وإذا كان الغالب في هذه العلاقة في عصرنا الراهن هو الصراع، فإن إرهاصات هذا الشد والجذب في العلاقة بين المجالين تعود إلى فجر التاريخ. وقد تراوحت العلاقات الحضارية بين هذين الكيانين الحضاريين منذ فجر التاريخ بالتنافس تارة والتثاقف تارة أخرى. وإذا كان السائد في مقاربة الموضوع هو التركيز على تطورات العلاقة بين المجالين، خاصة خلال العصر الحديث. .

والمعروف أن العلاقة بين الشرق والغرب - فكرًا وحضارة ومعتقدًا وقيمًا - خيط من أبرز الخيوط السارية في نسيج الثقافة العربية، منذ رحلة رفاعة الطهطاوي إلى باريس إماماً لأول بعثة تعليمية أوفدها محمد علي في 1826، وتأليفه كتاب «تخليص الإبريز في تلخيص باريز» (1834).

الشرق والغرب خلال العصر القديم:
================

1-إسهامات الشرق القديم في الحضارة الإنسانية:

أمسك الشرق بمشعل الحضارة في العالم القديم منذ فجر التاريخ على حساب الغرب، وشكل ورشة حضارية حقيقية بظهور كيانات حضارية كبيرة بمقاييس العالم القديم. ولاتزال آثار تلك الحضارات الشرقية ماثلة إلى اليوم تسحر الألباب في عصرنا الراهن. فقد تركت لنا الحضارة الفرعونية لوحدها ما يمثل اليوم ما يقرب ثلث آثار العالم.
كانت حضارة رائدة في ابتكاراتها وعمائرها وفنونها، حيث أذهلت العالم والعلماء بفكرها وعلمها، وأظهرت جانبا مما بلغه الشرق القديم من ازدهار حضاري. بينما يكتنز العراق آثارا ومعالم تشهد على ازدهار حضارات شكلت منطلقا لتطور الحياة البشرية في شرق العالم القديم وغربه. وقد كشفت الحفريات الأثرية في سوريا عن بقايا معالم تبرز تتابع الحضارات التي ساهمت بدور وافر في التطورات الحضارية في الشرق القديم، بحيث لا تكاد تخلو منطقة من المناطق سورية من المواقع الأثرية التي تعود إلى فترات زمنية مختلفة.
بلغت حضارات الشرق القديم أوج ازدهارها وقدمت للعالم القديم الكثير من الابتكارات التي خدمت المشترك الحضاري الإنساني، وجعلت الشرق مركز إشعاع حضاري بامتياز.
وفي المقابل انتصبت المجالات الحضارية الأخرى في العالم القديم كمجالات مستقبلة ومستلهمة ومتأثرة بحضارات الشرق القديم. ففي العراق، ومنذ الألف الخامس ق.م، ظهرت الحضارة السومرية على دلتا الرافدين، حيث قدم بناتها ضروبا من الإبداع من خلال إنشاء المدن وتطور العمارة، وحفر قنوات المياه، كما تقدم فن التعدين وسبك المعادن، وفن النحت وإلى السومريين تعود أولى المحاولات الفلسفية الجريئة الخاصة بأصل الكون والوجود والأساس في مكونات المادة. وإليهم  ترجع أعظم مساهمة في المشترك الحضاري الإنساني من خلال ابتكار مرحلة مهمة من مراحل تطور الكتابة، ويتعلق الأمر بالكتابة المسمارية.
وفي نفس المجال الجغرافي تقريبا ازدهرت الحضارة الأكادية في أواخر الألف الثالث ق.م، التي عرفت تقدما كبيرا في العمارة والفنون. ومنذ الألف الثالث ق.م ظهرت بالعراق أيضا الحضارة الأشورية التي تميزت بتوسعات مجالية كبيرة جعلت الآشوريين ينشؤون إحدى أكبر الإمبراطوريات في تاريخ الشرق القديم.
بعد سقوط إمبراطورية الآشوريين خلفتها في العراق القديم الحضارة الكلدانية التي ساهمت بدورها في استمرار الإشعاع الحضاري للشرق القديم،

و. كما شهدت المنطقة بروز  الحضارة البابلية منذ القرن 18 ق.م، التي تميزت بازدهار المعارف والعلوم المختلفة، وإليها تعود قانون حمورابي إحدى أقدم التشريعات في تاريخ الإنسانية

والتي تعد من أولى الشرائع المتكاملة في العالم حيث يجمع بين القانونين المدني والعقوبات فضلا عن الأحوال الشخصية.
وفي العصر البابلي حدث تطور مهم في العلوم والمعارف البشرية، حيث انتقلت من أطوارها العملية إلى طور التدوين والبحثَ

===============
الباحث
دكتور خيري مرسي غانم
يتبع

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة