الفرق بين الذين آمنوا والذين آمنوا وعملوا الصالحات / للأستاذ زكريا الحمود /

دراسات قرآنية

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً إنك أنت العليم الحكيم
الموضوع

              الفرق بين الذين آمنوا
       والذين آمنوا وعملوا الصالحات 
                   في كتاب الله

إن الله أرسل الأنبياء والرسل مبشرين ومنذرين لأقوامهم فمنهم من آمن بهم ومنهم من كفر
الذين اتبعوا رسلهم سماهم الله في كتابه العزيز  (الذين آمنوا )
قال الله تعالى
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ حَسۡبُكَ ٱللَّهُ وَمَنِ ٱتَّبَعَكَ مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [الأنفال ٦٤]
وفي أخرى يقول الكافرون لمحمد عليه سلام الله
﴿۞ قَالُوۤا۟ أَنُؤۡمِنُ لَكَ وَٱتَّبَعَكَ ٱلۡأَرۡذَلُونَ﴾ [الشعراء ١١١]
وقال الله تعالى في قصة موسى
﴿قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِیكَ وَنَجۡعَلُ لَكُمَا سُلۡطَـٰنࣰا فَلَا یَصِلُونَ إِلَیۡكُمَا بِـَٔایَـٰتِنَاۤۚ أَنتُمَا وَمَنِ ٱتَّبَعَكُمَا ٱلۡغَـٰلِبُونَ﴾ [القصص ٣٥]
وقال الله تعالى يصف حال أتباع محمد عليه سلام الله (الذين آمنوا معه)
﴿یَوۡمَ لَا یُخۡزِی ٱللَّهُ ٱلنَّبِیَّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُ﴾ [التحريم ٨]
أي يوم لايُخزي الله نبيَّه ومن اتبعه من المؤمنين
وكذلك قال
﴿لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ جَـٰهَدُوا۟ بِأَمۡوَ ٰ⁠لِهِمۡ وَأَنفُسِهِمۡۚ﴾ [التوبة ٨٨]
وقال أيضاً يصف ماحل بمن إتّبع طالوت عليه سلام الله وآمن معه عندما ابتلاهم الله بالنهر
﴿ فَشَرِبُوا۟ مِنۡهُ إِلَّا قَلِیلࣰا مِّنۡهُمۡۚ فَلَمَّا جَاوَزَهُۥ هُوَ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ قَالُوا۟ لَا طَاقَةَ لَنَا ٱلۡیَوۡمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِۦۚ ﴾ [البقرة ٢٤٩]
وفي أخرى يصف لنا نجاة من اتّبع هود عليه سلام الله الذين آمنوا معه
﴿وَلَمَّا جَاۤءَ أَمۡرُنَا نَجَّیۡنَا هُود وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةࣲ مِّنَّا وَنَجَّیۡنَـٰهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِیظࣲ﴾ [هود ٥٨]
وكذلك يصف الله لنا نجاة صالح عليه سلام الله والذين اتبعوه وآمنوا معه
﴿فَلَمَّا جَاۤءَ أَمۡرُنَا نَجَّیۡنَا صَـٰلِحࣰا وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةࣲ مِّنَّا وَمِنۡ خِزۡیِ یَوۡمِىِٕذٍۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلۡقَوِیُّ ٱلۡعَزِیزُ﴾ [هود ٦٦]
وأيضاً يبين لنا نجاة شعيب عليه سلام الله والذين اتبعوه وآمنوا معه
﴿وَلَمَّا جَاۤءَ أَمۡرُنَا نَجَّیۡنَا شُعَیۡبࣰا وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَعَهُۥ بِرَحۡمَةࣲ مِّنَّا وَأَخَذَتِ ٱلَّذِینَ ظَلَمُوا۟ ٱلصَّیۡحَةُ فَأَصۡبَحُوا۟ فِی دِیَـٰرِهِمۡ جَـٰثِمِینَ﴾ [هود ٩٤
وبمقارنة هذه الآيات الكريمة نصل إلى نتيجة مفادها أنه مع كل رسول كان له أتباع آمنوا معه
قال الله تعالى
﴿إِنَّ أَوۡلَى ٱلنَّاسِ بِإِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ لَلَّذِینَ ٱتَّبَعُوهُ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِیُّ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ۗ وَٱللَّهُ وَلِیُّ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ﴾ [آل عمران ٦٨]
كلهم اتباع إبراهيم عليه سلام الله
ذكر الله هؤلاء الأتباع في كتابه وقرنهم إلى جانب إسم كل رسول
فقال
محمد والذين آمنوا معه
طالوت والذين آمنوا معه
صالح والذين آمنوا معه
هود والذين آمنوا معه
شعيب والذين آمنوا معه
حيث وردت كلمة الذين آمنوا في كتاب الله بصيغتين اثنتين
الأولى تأتي بشكل مستقل
الذين آمنوا
أويسبقها أداة نداء فتصبح
ياأيها الذين آمنوا
والثانية تأت مضاف إليها العمل الصالح
الذين آمنوا وعملوا الصالحات
قال الله تعالى
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَادُوا۟ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ وَٱلصَّـٰبِـِٔینَ مَنۡ ءَامَنَ بِٱللَّهِ وَٱلۡیَوۡمِ ٱلۡـَٔاخِرِ وَعَمِلَ صَـٰلِحࣰا فَلَهُمۡ أَجۡرُهُمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ وَلَا خَوۡفٌ عَلَیۡهِمۡ وَلَا هُمۡ یَحۡزَنُونَ﴾ [البقرة ٦٢]

فالمقصود هنا
الذين آمنوا أتباع محد
الذين هادوا أتباع موسى 
النصارى أتباع عيسى عليهم سلام الله 
والصابئين أتباع زرادشت
فالآية واضحة تقول
إنَّ أتباع محمد وأتباع موسى وأتباع عيسى وأتباع زرادشت
( من يؤمن من هؤلاء الأتباع ) بالله واليوم الآخر ويعملون صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون
لاحظوا حرف ( من) البضعية (من آمن ) له أجره ومن لم يؤمن فلا أجر له
إذا هناك نوعين من المخاطبين
نوع يؤمن بالله ونوع لايؤمن بالله 
فالنتيجة أن الذين آمنوا في سياق هذه الآية لاتعني المؤمنين لأن منهم من لم يؤمن
يقول الله تعالى
﴿وَقَالَت طَّاۤىِٕفَةࣱ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَـٰبِ ءَامِنُوا۟ بِٱلَّذِیۤ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوۤا۟ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ یَرۡجِعُونَ﴾ [آل عمران ٧٢]
أي آمنوا بما أُنزِلَ على أتباعِ محمد نهاراً واكفروا به بعد توليكم عنهم
نذهب الى برهان آخر يقول الله تعالى
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ﴾ [آل عمران ١٠٢]
ولاتخلوا صلاة جمعة في أي مسجد من ذكر هذه الآية الكريمة
للوهلة الأولى نظن أن الله يخاطب المؤمنين بأن لايموتوا إلا وهم مسلمين
السؤال هنا من أعلى درجة عند الله المؤمن أم المسلم أكيد المؤمن
لأن الله صنفهم حسب الدرجات عندما قال
﴿إِنَّ ٱلۡمُسۡلِمِینَ وَٱلۡمُسۡلِمَـٰتِ وَٱلۡمُؤۡمِنِینَ وَٱلۡمُؤۡمِنَـٰتِ ........... أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمࣰا﴾ [الأحزاب ٣٥]
والدليل قوله الله تعالى.
﴿۞ قَالَتِ ٱلۡأَعۡرَابُ ءَامَنَّاۖ قُل لَّمۡ تُؤۡمِنُوا۟ وَلَـٰكِن قُولُوۤا۟ أَسۡلَمۡنَا وَلَمَّا یَدۡخُلِ ٱلۡإِیمَـٰنُ فِی قُلُوبِكُمۡۖ ﴾ [الحجرات ١٤]
فالإيمان هو أعلى درجة من الإسلام
فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمن
إذا كيف يطلب الله من (الذين آمنوا ) لو كانوا مؤمنين أن لا يموتوا إلا وهم (مسلمون ) وهم بمقام أعلى درجة من المسلمين فلو كان المقصود بالمخاطبين هم الذين آمنوا لكانت الآية فيها إشكال ولما كان هناك إعجاز في كتاب الله ولما وردت كلمة (من آمن) البضعية 
فالذين آمنوا المخاطبين هنا هم ليسوا المؤمنين بل هم أتباع محمد صلوات الله عليه منهم المؤمنون ومنهم المنافقون
ومنهم المؤلفة قلوبهم ومنهم الكافرون
فالله يطلب منهم أن يحافظوا على تمسكهم بدين الإسلام حتى الممات ولم يتطرق لموضوع الإيمان
يقول الله تعالى في أخرى
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة ١٨٣]
أليس الصيام ركن من أركان الإسلام ستقولون لي نعم
فلو كان المقصود بيا أيها الذين آمنوا هم المؤمنين لكان الصيام كتب على المؤمنين فقط وليس على المسلمين
لأن الله في هذه الآية يخاطب الذين آمنوا ولم يخاطب المسلمين ولكان الصيام ركن من أركان الإيمان وليس ركن من أركان الإسلام أليس كذلك
إذا الخطاب هنا موجه لمن تبع محمد عليه سلام الله وليس للمؤمنين
واسمع لقول الله تعالى.
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ ءَامِنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلَّذِی نَزَّلَ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَٱلۡكِتَـٰبِ ٱلَّذِیۤ أَنزَلَ مِن قَبۡلُۚ ﴾ [النساء ١٣٦]
كيف يطلب الله من المؤمنين بالله أن يؤمنوا بالله ورسوله إذا كانوا مؤمنين أصلا ويخاطبهم (ياأيها الذين آمنوا) فبمجرد أن يطلب منهم أن يؤمنوا هذا يعني أنهم إما غير مؤمنين أو في درجة أقل من الإيمان وهذا دليل أيضاً على أن الذين آمنوا هم أتباع محمد عليه الصلاة والسلام والخطاب هنا ليس للمؤمنين
واسمع لقوله تعالى.
﴿۞ أَلَمۡ یَأۡنِ لِلَّذِینَ ءَامَنُوۤا۟ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ لِذِكۡرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلۡحَقِّ﴾ [الحديد ١٦]
المعنى هنا هو ألم يحن الوقت بعد لأتباعك يامحمد الذين معك بعد كل ما رأوه وسمعوه أن تخشع قلوبهم لذكر الله من بعد ما نزّلت عليهم  آيات الحق
هل المخاطبين هنا هم المؤمنين قطعا لا
فكيف يكونوا مؤمنين ولم تخشع قلوبهم لذكر الله ولو كانت كذلك لكانت الآية غير متوازنة أيضاً
واسمعوا لهذه أيضا قال الله تعالى
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ وَذَرُوا۟ مَا بَقِیَ مِنَ ٱلرِّبَوٰۤا۟ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِینَ .فَإِن لَّمۡ تَفۡعَلُوا۟ فَأۡذَنُوا۟ بِحَرۡبࣲ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۖ ﴾ [البقرة ٢٧٩]
إن الله يحذر الذين آمنوا ( بين قوسين طبعاً) وفق المفهوم السابق
أن يتركوا الربا ولا يتعاملوا به وقد هددهم بحرب منه ومن رسوله والحرب هنا هي ليست معارك ومواقع إنما ضياع وخسارة جميع أموالهم إن لم يتوبوا فهل هؤلاء المخاطبين هنا هم المؤمنون أكيد لا ولو تابعنا سياق الآية لتأكدنا من أن الله لم يعتبرهم مؤمنين عندما قال
(إن كنتم مؤمنين) أي هم ليسوا مؤمنين
فلو كان المخاطبين هم المؤمنين أيعقل أن يهددهم هكذا أيوجد أكبر من هذا التهديد والوعيد في كتاب الله ثم كيف يقول يا أيها الذين آمنوا ....ثم إن كنتم مؤمنين فلو كان المقصود من الذين آمنوا هنا المؤمنين لكانت الآية غير متجانسة
واسمعوا الى قوله تعالى.
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَن یَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِینِهِۦ فَسَوۡفَ یَأۡتِی ٱللَّهُ بِقَوۡمࣲ یُحِبُّهُمۡ وَیُحِبُّونَهُۥۤ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِینَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَـٰفِرِینَ یُجَـٰهِدُونَ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَلَا یَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَاۤىِٕمࣲۚ﴾ [المائدة ٥٤]
فهل المخاطب هنا هم المؤمنون هل من المؤمنين من يرتد عن دينه
أم هنا الخطاب لمن كان حول النبي آنذاك ومن المنافقين أو المؤلفة قلوبهم
واسمعوا لقول الله تعالى.
﴿یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ مَا لَكُمۡ إِذَا قِیلَ لَكُمُ ٱنفِرُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلۡتُمۡ إِلَى ٱلۡأَرۡضِۚ أَرَضِیتُم بِٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا مِنَ ٱلۡـَٔاخِرَةِۚ فَمَا مَتَـٰعُ ٱلۡحَیَوٰةِ ٱلدُّنۡیَا فِی ٱلۡـَٔاخِرَةِ إِلَّا قَلِیلٌ﴾ [التوبة ٣٨]
أيعقل أن يكون المخاطب في هذه الآية هم المؤمنون وبهذه العبارات ألا تلاحظوا معي أنها عبارات تنبيه وقدح وذم من الله للذين آمنوا (بين قوسين طبعاً ) وفق المفهوم السابق.فهل من المؤمنين من يتقاعس عن الجهاد في سبيل الله ويفضل الحياة الدنيا عن الآخرة
إذا النتيجة أن جملتي الذين آمنوا و
ياأيها الذين آمنوا التي وردتا في كتاب الله تعني أنها أتباع محمد والذين آمنوا معه وبه وليسوا المؤمنين بالله
وهنا من حق أي شخص أن يتساءل
إذاً كيف يخاطب الله المؤمنين به في كتابه ويميزهم عن المؤمنين برسله  وهذا سؤال وجيه
فكيف ميّز الله في كتابه بين الذين آمنوا بالله واليوم الآخر  والذين آمنوا برسله واتبعوهم
الله ميّزهم في كتابه عن بعضهم البعض بأن أتبع كلمتي (الذين آمنوا ) بجملة
(وعملوا الصالحات) فأصبحت جملة (الذين آمنوا وعملوا الصالحات )
هنا هم المؤمنون حقاً
فأين ما وردت هذه الجملة في كتاب الله تعني أنها تخاطب المؤمنون بالله واليوم الآخر
وأينما وردت جملتي الذين آمنوا ويا أيها الذين آمنوا تدلان على أنهما تخاطب أتباع محمد عليه الصلاة والسلام والذين آمنوا معه
والخلاصة
أينما وردت جملتي (الذين آمنوا ) أو( يا أيها الذين آمنوا )مستقلة دون أن يتبعها و(عملوا الصالحات ) يكون المقصود بهما  أتباع محمد عليه الصلاة والسلام الذين آمنوا معه
وأينما وردت كلمة( الذين آمنوا ) متبوعة ب و(عملوا الصالحات)
أي(الذين آمنوا وعملوا الصالحات)
يكون المقصود بها المؤمنون بالله واليوم الآخر
إذا لا إيمان بدون عمل أو جهاد في سبيل الله يقول الله تعالى
﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَهَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِینَ ءَاوَوا۟ وَّنَصَرُوۤا۟ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُؤۡمِنُونَ حَقࣰّاۚ لَّهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَرِزۡقࣱ كَرِیمࣱ﴾ [الأنفال ٧٤]
وسأزيدكم أدلة ومن كتاب الله
تعالوا معي إلى هذا الدليل الرائع
لكن ركزوا معي فقط
اسمعوا قول الله تعالى
﴿مُّحَمَّدࣱ رَّسُولُ ٱللَّهِۚ وَٱلَّذِینَ مَعَهُۥۤ أَشِدَّاۤءُ عَلَى ٱلۡكُفَّارِ رُحَمَاۤءُ بَیۡنَهُمۡۖ تَرَىٰهُمۡ رُكَّعࣰا سُجَّدࣰا یَبۡتَغُونَ فَضۡلࣰا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَ ٰ⁠نࣰاۖ سِیمَاهُمۡ فِی وُجُوهِهِم مِّنۡ أَثَرِ ٱلسُّجُودِۚ ... وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمَۢا﴾ [الفتح ٢٩]

فلندقق في الآية الكريمة ونرى ماهي مواصفات الذين آمنوا مع محمد عليه سلام الله واتبعوه
١_ أشداء على الكفار
٢_رحماء بينهم
٣_ تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا
٤_ سيماهم في وجوههم من أثر السجود.
نقف هنا لحظة لنقول أسمعتم أجمل من هذه الصفات في القرآن إنها صفات أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي تمدحهم مدحاً عظيماً أليس كذلك  فلنتابع الآية
وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات (منهم) مغفرةً وأجراً عظيماً
لمَ قال الله تعالى
وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم ولم يقل وعدهم الله مغفرة وأجراً عظيما
بعد كل هذا الكلام الطيب والمدح الجميل
لأن الوعد هنا ليس للذين آمنوا أي لأتباع محمد بل الوعد هنا
للذين آمنوا وعملوا الصالحات وهم المؤمنون حقاً بالله
أي أنه كل من كان من الذين آمنوا أي من أتباع محمد صلوات الله وسلامه عليه ومن الذين هم معه وكان يتحلى بهذه الصفات التي ذكرها الله تعالى سابقاً
فهو يعتبر من الذين آمنوا وعملوا الصالحات حتماً وبالتالي له مغفرة من الله وأجراً عظيما
لذا جاءت هنا كلمة (منهم) البضعية
ثم تعالوا معي إلى هذه المقاربة البسيطة بينهما والتي أجراها الله تعالى ليجيب عن سؤالنا ماهو الفرق بين الذين آمنوا  والذين آمنوا وعملوا الصالحات
يقول الله تعالى
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِینَ هَاجَرُوا۟ وَجَـٰهَدُوا۟ فِی سَبِیلِ ٱللَّهِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ یَرۡجُونَ رَحۡمَتَ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ﴾ [البقرة ٢١٨]
دققوا معي جيداً إلى قوله
آولئك يرجون رحمت الله فبالرغم من أنه خاطبهم بالذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله
ماهو جزاؤهم أولئك (يرجون رحمت الله)
دققوا معي يرجون رحمت الله !!!!!!!!!!!
وانظروا معي إلى الصورة الأخرى عندما يخاطب الله المؤمنين حقاً
﴿فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَیُدۡخِلُهُمۡ رَبُّهُمۡ فِی رَحۡمَتِهِۦۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِینُ﴾ [الجاثية ٣٠]
دققوا معي هنا يخاطب الله (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) فقط
ولم يقل الذين هاجروا والذين جاهدوا في سبيل الله ماذا كان جزاؤهم هؤلاء هم لا يرجون رحمت الله بل (فيدخلهم ربهم في رحمته) دققوا معي
فيدخلهم ربهم في رحمته !!!!!!!!!!
دون أن يهاجروا ودون أن يجاهدوا في سبيل الله هؤلاء هم المؤمنون حقا
وهنا سأذكر لكم آية واحدة تلخص المضمون وتوضح المراد دققوا معي في قول الله تعالى
﴿لَیۡسَ عَلَى ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ جُنَاحࣱ فِیمَا طَعِمُوۤا۟ إِذَا مَا ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّءَامَنُوا۟ ثُمَّ ٱتَّقَوا۟ وَّأَحۡسَنُوا۟ۚ وَٱللَّهُ یُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِینَ﴾ [المائدة ٩٣]
هذه الآية المعجزة تختصر المحاضرة بالكامل
سندخل على توضيح هذه الآية من خلال  تذكيركم بتعريف المؤمنين كما ذكره الله تعالى
﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ﴾ [النور ٦٢]
فمن هم المؤمنون وفق تعريف الله
هم الذين آمنوا بالله وآمنوا برسوله.       تذكروا معي هذه الآية وسنعود لها
نعود لشرح الآية السابقة
يقول الله تعالى
ليس على ( الذين آمنوا وعملوا الصالحات)والخطاب هنا للمؤمنين حقاً
أي ليس على المؤمنين جُناحٌ أو حرجٌ فيما أكلوا إذا ما
١_ (اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات)
أي إذا ما اتقوا الله وآمنوا به
٢_ ثم (اتقوا وآمنوا )
ثم اتقوا الله واتّبعوا الرسول وآمنوا به
٣_ ثم (اتقوا وأحسنوا )
أي ثم اتقوا الله واستجابوا لله والرسول
فالذين اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات هم الذين آمنوا بالله واليوم الآخر
والذين اتقوا وآمنوا
هم الذين آمنوا برسوله
والذين اتقوا وأحسنوا  هم الذين استجابوا لله وللرسول
وهنا يتحقق تعريف المؤمنون كما ورد في الآية التي ذكرناها سابقاً
﴿إِنَّمَا ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ ﴾
فيكون (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) هم المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله
أما أصبح الأمر واضحا لكم
ولكي تترسخ لكم الأمور أكثر اسمعوا لقول الله عندما يريد أن يخاطب المؤمنين حقاً ماذا يقول لهم.
﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ مِنۡهُم مَّغۡفِرَةࣰ وَأَجۡرًا عَظِیمَۢا﴾ [الفتح ٢٩]
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمۡ خَیۡرُ ٱلۡبَرِیَّةِ﴾ [البينة ٧]
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمۡ جَنَّـٰتࣱ تَجۡرِی مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَـٰرُۚ ذَ ٰ⁠لِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡكَبِیرُ﴾ [البروج ١١]
﴿وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَنُدۡخِلَنَّهُمۡ فِی ٱلصَّـٰلِحِینَ﴾ [العنكبوت ٩]
﴿ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابࣲ﴾ [الرعد ٢٩]
﴿إِنَّ ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُمۡ أَجۡرٌ غَیۡرُ مَمۡنُونࣲ﴾ [فصلت ٨]
﴿أَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَلَهُمۡ جَنَّـٰتُ ٱلۡمَأۡوَىٰ نُزُلَۢا بِمَا كَانُوا۟ یَعۡمَلُونَ﴾ [السجدة ١٩]
﴿فَأَمَّا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ فَیُدۡخِلُهُمۡ رَبُّهُمۡ فِی رَحۡمَتِهِۦۚ ذَ ٰ⁠لِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡمُبِینُ﴾ [الجاثية ٣٠]
أي أن المؤمنين بالله والذي خاطبهم الله بالذين آمنوا وعملوا الصالحات هم في رحمته ومحبته دائما هكذا يخاطب الله المؤمنين بالمدح والثناء والرحمة والمغفرة
ولنلاحظ هنا المقارنة
لم تكن بين الذين كفروا والذين آمنوا
بل كانت بين الذين كفروا والذين آمنوا وعملوا الصالحات
ليتم التوضيح بأن نقيض الذين كفروا ليس هم الذين آمنوا
بل الذين آمنوا وعملوا الصالحات
وهؤلاء هم المؤمنون حقا
يقول الله تعالى
﴿ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ لَهُمۡ عَذَابࣱ شَدِیدࣱۖ وَٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ لَهُم مَّغۡفِرَةࣱ وَأَجۡرࣱ كَبِیرٌ﴾ [فاطر ٧]
وكثير من هذه الآيات المشابهة والتي تؤكد أن الذين آمنوا وعملوا الصالحات هم المؤمنون حقاً بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر
فهل لديكم شك أو ريب بعد ذلك
والحمد لله رب العالمين

العبد الفقير لله زكريا الحمود

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة