إهمال اللغة في العالم العربي / للدكتور خيري غانم /
(2)
دكتور خيري مرسي غانم
عنوان البحث
إهمال اللغة في العالم العربي
المحور الأول
واقع التعليم في العالم العربي َفي عصر التكنولوجيا الحديثة
=========
ما قامت أُمّةٌ ولا علا شأنها إلا بالعلّمِ والمعرفة، والعِلّم وحده القادر على أن يضع لها قدمًا في ركب الحضارة العالميّة ويدخلها مضمار الثقافة التاريخيّة. وبدونهِ والاهتمام به تضعف قوتها ويضمحلُّ وجودها بين الأمم.
العالم العربي يعاني ترديًا شديدًا في التعليم -يُستثنى من ذلك دولة أو اثنتين- وانحدارًا متسارعًا في كفاءة المؤسسات التعليمية: فنقصٌ في وسائل التعليم والتدريب، وافتقارٌ لأساليب التدريس القويم والتلقين السليم، وقلّةٌ الكوادر التدريسيّة.
تسلّط الدولة وتحكّمها بالمؤسسة التعليمية والتربوية لتكون أداةٌ تسخرها لنشر أيديولوجيا السلطة وعقيدة الحزب.
وفي معظم العالم العربي. تُخصِّصُ الدول القسم الأعظم من ميزانيتها لقطاعات الأمن والعسكرة وزيادة النفوذ وتقوية السلطة. ويكون نصيب مؤسسات التعليم ومراكز الأبحاث ربع معشار -بأحسن الأحوال -ما يصرف على قطاعي الأمن والعسكرة.
إن الطالب العربي- يمضي بين صفوف المدرسة وفصول الدراسة، زمنََا طويلًا يبذله ويتحمل مشقتهِ وعناءه في سبيل التعلّم والتزود بالمعرفة. مِنهاجٌ التعليم معلوم وكتب الدراسة محددة؛ يدرس منهاجًا من إعداد الدولة، وُضِع وفقا لعقيدتها وتوجهاتِها، فنتعلّم ما تُريد، ونُلقَّن ما يراه القائد مناسبًا، ونتزوّد بالمعلومات والمعرفة بالقدر الذي يُسمح لنا به، وتحديد احتياجاتنا المعرفية ومتطلباتنا العلميّة، والدولة تعرف بكل تأكيد ما يحتاجه المجتمع من كوادر بشريّة وخبرات مهنية، وما يجب العناية به وما يجب إهماله. الدولة تخطط لكل شيء. علينا فقط كتلاميذ إطاعة الأوامر بحفظ ما بداخل الكتاب وترديد الشعارات. والتفكير والإبداع لا، لا حاجة لنا به.
قسوة المُعلِّم
أيُتوقَع أن يسود جوٌ من الحنان والرفق وتكون الرحمة والليونة مبدآن يُعامل بهما المعلِّم تلميذه.
وتكون العصا للمدرس كالظلِّ لواحدنا في اليوم المشمس. يُعاقِب المقصِّر في واجباته ويضرب المشاغب على كلامه وحركاته. أو تعنيفٌ لفظيّ- وقد يكون أسوأ من البدني أو أرحم- ، يصبٌ بها المعلِّم جام غضبه ويخفف من توتره بأصناف الشتائم ومختلف المسبات، يرمي بها فلانٌ أمام ثلاثين من أقرانه غير مكترثِ بوقع كلامه عليه وما سيخلّفه من أثار ونتائج، ولا يعبئ البتة إن كان ضربه سيؤذيه أم لا، المهم أن يضرب ويشتم. -وبالطبع الكلام لا يعُمم على جميع المدرسين-.
وتعود أهمية التكنولوجيا في مجال التعليم إلى كونها تساهم في تحسين العملية التعليمية، فقد جاء في دراسة قاسمي، صوني (2019) أنها توسع الخبرات المكتسبة للمتعلم، وتسمح بالتطوير من خلال المكتسبات القبلية والبعدية، كما تساهم في رفع أداء المعلمين وتحسين طرق تدريسهم، وإثارة الدافعية للتعلم لدى المتعلمين، والعمل على حل المشكلات التربوية. وهذا ما تبين من خلال دراسة مادة تقنيات تربوية واستخدام الاستراتيجيات المختلفة التي أدت إلى رفع الخبرات، والإدماج بين الخبرات السابقة والحالية. كما أن تجربة التعليم الإلكتروني خلال جائحة فايروس كورونا التي مررنا بها وأجبرت المسؤولين على خوض تجربة التعليم عن بعد، زادت من معرفتنا بالتكنولوجيا، حيث إننا بدأنا بالتفكير في الحلول المقدمة في وقت الأزمات، فبدأنا بالابتكار وتعلم تقنيات ساعدتنا في حل كثير من المواقف التعليمية والعملية، ما دفعنا للبحث عن تقنيات تساعد على متابعة الدراسة ومتابعة الموظفين وتنسيق المهام، وتقنيات أخرى تساعد على التواصل الفعال، وعمل تدريب للطالبات والموظفين الذين بتم التعامل معهم، وتحسيسهم بأهمية التقنية في الوقت الحالي والمستقبل عن طريق استخدام قاعات التدريب الافتراضية، وعمل فيديوهات إرشادية، وبالفعل تم التأقلم مع التقنيات بعد مقاومة الوضع الجديد أول الأمر، فمع الانخراط التدريجي في مجال التقنية بدأ شغف البحث عما هو جديد، وعن التقنيات المناسبة لكل مهمة. حيث تغيرت العديد من الإجراءات، فمثلا أصبحت المعاملات والتوقيعات والتقييمات إلكترونية، والاجتماعات أيضا. كما قد لوحظ من خلال الممارسة أن من أهم طرق الاستفادة من التكنولوجيا في التعليم، دمج الذكاء الاصطناعي في مجال التواصل والاتصالات والشبكات؛ لأن الاتصال لا يقتصر فقط على رسائل البريد الإلكتروني، أو الاتصالات الهاتفية، أو أي نوع آخر من المراسلات، بل أصبحت الاتصالات صوتية ومرئية، وكل هذه تدعم التعليم بشكل كبير من حيث إلقاء الدروس، وعقد اللقاءات، والدورات الافتراضية، ومناقشة الرسائل العلمية عن طريق
الاتصال المرئي، حيث إن
العالم أصبح عبارة عن قرية
صغيرة.
أيضًا في المجال الإداري
تحتاج التقنيات إلى إدارة
وجهد بشري يعمل على تطويرها حسب المعطيات،
ويتعامل مع البرمجيات والتطبيقات من خلال اتخاذ
القرار وسرعة الأداء ودقة النتائج.
======
الباحث
دكتور خيري مرسي غانم
يتبع
.
تعليقات
إرسال تعليق