يوم الأحد / للأستاذ مصطفى كبار /
يوم الأحد
يكون العقل محرراً
من الجفاف
يوم الأحد هو يوم العطلة
أستيقظ في الساعة التاسعة صباحاً
أو بعدها بقليل
فأخرج من سريري قاصداً بيت الأدب
أعزكم الله
ثم أدخل الحمام و أستحم حمام
الزفاف المتكرر
أغتسل بشامبو المركب برائحة الزهور
بالماء الفاتر كالعادة
و أنا أدندن لحن أغنية حلبية تطربني
بقدودها العريقة
فوق النخل فوق فوق النخل
فوووووق
ثم أنتهي فأمشط شعري بالكريم المقوي
تسريحة العرسان بالرواق
المنعش
و أرش على جسمي من برڤانٍ فاخر
بعطر الياسمين
و أمسح يدي بالكولونيا لثلاث مرات
فأنضج من جديد نقياً
فأناقة الرجال لا تظهر إلا
عندما يشعرون بالسعادة الحقيقية
و الفخر بإنتصارهم من بعد ليلة
ساخنة
فأقترب من النافذة لأرى ما هو شكل
الصباح في هذا الصباح
فأشعر براحة تامة بكل صباح الأحد
و لا أفكر إلا بالسعادة و بوجه
حبيبتي
و كيف سأجعلها أن تكون سعيدة
طوال اليوم
الآن أنا ألبس بيجامةٍ زرقاء و شبشباً
من القماش الطري
فأتمشى منتصراً على الحلم البعيد
القريب
أدخل إلى المطبخ بخطوى المنتصرين
لأحضر قهوة الصباح في يوم الأحد
لأميرة عرشي
ف قليلٌ من الماء و أربعة معالق صغيرة
من البن
و وردة حمراء معطرة و بعضٌ من
البيتفور
و كأس الماء الصافي المرصع
بالذهب
يكفي كي أقدمها إلى شخصٍ عزيز و
غالي على قلبي في هذا الصباح
فاليوم هو لراحتي و هدوء ذهني
من تعب ستة أيامٍ مضت ْ
فأذهب إلى غرفة نومي بسعادة لأقظ
ما تاهت معي بالأمس بالجنون
فأجلس بجانب زوجتي و أنظر إليها
و هي نائمة كاليمامة البريئة
بحلمها
فأمسح شعرها بهدوء و أقبلها بقبلة
صغيرة من لهفتي
ف حبيبتي و زوجتي تخدمني طوال
الأسبوع
فهي تستحق الدلال و فنجان القهوة
من يدي بيوم العطلة
لأنها سيدةُ منزلي و محطة إستراحتي
من شغب الحياة
فهي تستحق كل الحب و كل الإحترام
و أن أنحني أمام مزاياها
الطيبة
فالمرأة هي بالنسبة لي هي كالمعبد
فأمارس بها كل طقوسي
الدينية و الشرعية و الأخلاقية و
العاطفية
فأنها هدية الإله للعبد السعيد و ألف
شكر على تلك الهدية
فزوجتي هي كشمس الحياة في عمري
تضيء كل دروبي
و تشرق من الكلمات كالملاك
الطاهر
زوجتي هي تعويذة الإله حتى القيامة
بالعمر الأخير
فهي مقبرتي و فرحتي و جنتي الأبدية
في الحب الصادق الشريف
العفيف
زوجتي هي من تستحق لوحدها قلبي
و كل الحب و كل الشغف
فهي كانت بليلة الأحد سيدة الأغراء
و الجمال
و كانت مطيعة بكل لحظات التصادم و
الحرارة
بين جسدين يحبانِ اللقاء في الضياع
و التقبيل
فالثغر أوضح من الشهد بلذة السكر
و الخد واحة الإيمان
بليلة الأحد يعانقنا النسيم بأجنحة
الريح كطيرين يشقان سحاب
الأحلام
فتركض الخيول في مروج البراري
و هي سعيدة
و الربيع يكسو بأثوابه خدود الأنوثة
إحمراراً و خضاراً بلون
الشجر
بليلة الأحد نهجر الواقع الساكن
بجوار الظِلال
و نركض بالعقل و العاطعة معاً نحو
الهيام
كغزلين تركضان فرحاً بقدوم فصل
الربيع
بليلة الأحد أشعلنا شموع الحفلة كلها
و قررنا للإحتفال
بعيد زوجين عاشقين يحلقان للغيوم
سفراً لحدائق المدى
رتبنا الزهور بكل زوايا البيت
و أحضرنا فوق الطاولة سلةً مشكلة
من الفواكه الآسيوية
عطرنا كل الغرفة بالمسك و العنبر
و شغلنا موسيقى الكمنجات للرمانسية
مع كأسين نبيذ
ثم رقصنا على موسيقى الفرحين
رقصة العشاق المميزة
و نحن بكامل الإنسجام متعانقين فرحة
أرواحنا
متنفسين نقاء الهواء الطلق
فأهمس بصوت خفيف و أنا بجانب
زوجتي فوق سريريها
حبيبتي إستيقظي لقد أشرق
الصباح معطراً
لنتناول قهوة الأمل و نستعد لنهارٍ
ناسع البياض
لقد إمتلئ المكان برائحة قهوتي
التي صنعتها لكي يا حياتي
فتفتح عيونها و هي مبتسمة بكامل
مكياجها
و ترميني بسهام عينيها مقتولاً بالكحل
و الرموش و تلك النظرة القاتلة
كأنها تفتح أمامي أبواب البحار التي
تغرقني متيماً
جميلة
جذابة
حلوة
ناعمة كالفراشات
مرتبة حتى بالمنام في القصيدة
كالكلمات
رقيقة كرقة الورد
كالندى فوق الخد مثل ندى
الياسمين
إنها ماهرة في العناق و متمردة بالجنون
بالفراش الحرير
بل إنها طريق العودة إلى معجزة
الإنتماء
تفترش الأرض بالزهور و تنسج
لي
خيطاً من السلام من ألوان قوس
قزح
إنها ساحرة الأنوثة و شديدة الرغبة
في اللقاء
كالعروسة الجميلة تتغنج بصباح زفافها
و تحضن قلب زوجها المحظوظ
فتقول .......
أسعد الله صباحك يا حبيبي
فمتى إستيقظت من نومك الطويل
منذ نصف ساعة تقريباً أرد
عليها
ثم نذهب معاً لشرفة المنزل المطلة
على الحديقة و يدي بيدها
فنجلس على كرسيين من خشب الجوز
و نمد الصباح بجمال روحين ناعمين
يتقنان لغة الحب
فنشغل أغاني السيدة فيروز و نحن
نشرب قهوتنا الصباحية
بكتب إسمك يا حبيبي ع حور
العتيق
و نحن نتأمل صفاء السماء بتغريدة
العصافير
فتطير بيوم الأحد أحلام البدايات
و أحلام النهايات
و الفراشات تبدل بألوانها بأزهار
البنفسج بيوم الأحد
و يشرق الشمس بيوم الأحد شمسين
واحدة تشرق من السماء لكل
الدنيا
و واحدة تشرق لي من وجه حبيبتي
و تشع بنورها بدنيتي
كنافذة للحياة تدل كل شيء و تكتب
العناوين للسنونو
فلا تبتعد يا أيها اليوم السعيد الجميل
عنا لا تبتعد
و لا تضجرنا ضجراً إن رحلت باكراً
من الوقت
كن شفافاً و رائعاً كما عهدناك وطويلاً
بالسعادة
فأنت يوم الأحد و لا من بعدك أحد
الأيام يشبهك
فإسكن بفرحنا لأطول مدة ممكنة يا
أيها الصديق
و إملك فينا ما يتسع بذاكرتنا من
نِعم الصباح
و إزرع بجدارنا زهرة الياسمين و بعضاً
من القرنفل أمام البيت لنتعانق
معها
فنكتب غزلً من الشعر القديم للأحبة
و الأصدقاء ولمن يباركون فرحتنا
الفريدة
حررنا من خيبة الأسبوع كلها يا أيها
الضيف الخفيف
فأنت سيد النهار الجديد و أنت الأمل
و العيد
في إشراقة الأمل من فجرك الساطع
بالريحان
فوحدي يحق لي أن أقول لله شكراً
بيوم الأحد
و وحدي أستحق عرش السعادة من
الرحمن كلها بيوم الأحد
فإن الشيطان غاب عن فرحنا بهذا
اليوم
فهو ينام كالحجر مع المحبطين
بيوم الأحد
فلا يئنُ ضجراً أحد
و لا يبكي أحدٌ بيوم الأحد
فالإله الواحد ينشغل بيوم العطلة مع
الملائكة
لترتيب شكل القيامة بعد يوم الأحد
و الحياة تستكن مرتاحة
فالآلهة تصحح بشكل القمر فوق الكوكب
المشبع بالنور و الضياء
و يتيح الله لنا ساعات بيوم الأحد
مع الصحبة مع من نحب
فنسكن حقول السعادة و نحن فرحين
فنقول
كلاماً يشبه العسل أجمل من كلام
الشعراء
و نقضي النهار كله معاً دون ملل
أو كلل
فأنا أسكن زوجتي في الجنون
و زوجتي تسكنني بالحنان حتى
حدود الجنون
و لا يفتح الله أبواب الأوجاع و التعب
على الحالمين بيوم الأحد
فيوم الأحد هو يوم إجازتي من كل
الأشياء المحبطة
فهو ذكرى خالدة بالروح برفقة العاشقة
الحسناء
ف يوم الأحد هو يوم النجاة و الصلاة
بكنيسة المسيح و الدعاء للرب
بقبلة الصليب
هو يوم اللقاء و تقديم الورود للنساء
الرائعات و شكر الراهبات
فحتى القصيدة لا تستطيع أن ترى
جمالها
إلا ........ بيوم الأحد
أبن حنيفة
مصطفى محمد كبار أبن عفرين
حلب سوريا ٢٠٢٤/٦/٢٩
تعليقات
إرسال تعليق