الفرق بيم بني إسرائيل واليهود / للأستاذ زكريا الحمود /

دارسات قرآنية

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علماً إنك أنت العليم الحكيم

   الفرق بين بني إسرائيل واليهود
              في كتاب الله

الكثير منا يخلط بين مصطلحين ورد ذكرهما في كتاب الله وهما بني إسرائيل واليهود ظاناً أن الخطاب لأحدهما هو نفسه الخطاب للثاني بمعنى عندما يخاطب الله بني اسرائيل قائلاً
﴿یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتِیَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ وَأَوۡفُوا۟ بِعَهۡدِیۤ أُوفِ بِعَهۡدِكُمۡ وَإِیَّـٰیَ فَٱرۡهَبُونِ﴾ [البقرة ٤٠]
يظن أن المقصود ببني إسرائيل هنا هم اليهود وهذا مفهوم خاطئ إن دل يدل على مفهومنا غير الصحيح تجاه معاني آيات الله التى انزلها علينا في كتابه
وللأسف مازال هذا المفهوم إلى الآن
فمن هم اليهود ومن هم بنو إسرائيل

بنو إسرائيل هم ذرية يعقوب (والذي سماه الله إسرائيل للدلالة عليه دون غيره) وكل من تبعهم
وهم الذين آمنوا بما جاءهم وأخذ الله منهم العهود والمواثيق
﴿۞ وَلَقَدۡ أَخَذَ ٱللَّهُ مِیثَـٰقَ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ وَبَعَثۡنَا مِنۡهُمُ ٱثۡنَیۡ عَشَرَ نَقِیبࣰاۖ﴾ [المائدة ١٢]
وقد ذكرهم الله في معظم آياته بالحسنى والمدح والثناء لقوله تعالى
﴿یَـٰبَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ ٱذۡكُرُوا۟ نِعۡمَتِیَ ٱلَّتِیۤ أَنۡعَمۡتُ عَلَیۡكُمۡ وَأَنِّی فَضَّلۡتُكُمۡ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ﴾ [البقرة ٤٧]
وقوله عندما نصرهم على فرعون وآله
﴿وَأَوۡرَثۡنَا ٱلۡقَوۡمَ ٱلَّذِینَ كَانُوا۟ یُسۡتَضۡعَفُونَ مَشَـٰرِقَ ٱلۡأَرۡضِ وَمَغَـٰرِبَهَا ٱلَّتِی بَـٰرَكۡنَا فِیهَاۖ وَتَمَّتۡ كَلِمَتُ رَبِّكَ ٱلۡحُسۡنَىٰ عَلَىٰ بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ بِمَا صَبَرُوا۟ۖ وَدَمَّرۡنَا مَا كَانَ یَصۡنَعُ فِرۡعَوۡنُ وَقَوۡمُهُۥ وَمَا كَانُوا۟ یَعۡرِشُونَ﴾ [الأعراف ١٣٧]
وقوله يذكرهم بآلاء الله ونعمه عليهم
﴿أُو۟لَـٰۤكَ ٱلَّذِینَ أَنۡعَمَ ٱللَّهُ عَلَیۡهِم مِّنَ ٱلنَّبِیِّـۧنَ مِن ذُرِّیَّةِ ءَادَمَ وَمِمَّنۡ حَمَلۡنَا مَعَ نُوحࣲ وَمِن ذُرِّیَّةِ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمَ وَإِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ وَمِمَّنۡ هَدَیۡنَا وَٱجۡتَبَیۡنَاۤۚ ﴾ [مريم ٥٨]
وقوله تعالى
﴿وَلَقَدۡ بَوَّأۡنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ مُبَوَّأَ صِدۡقࣲ وَرَزَقۡنَـٰهُم مِّنَ ٱلطَّیِّبَـٰتِ فَمَا ٱخۡتَلَفُوا۟ حَتَّىٰ جَاۤءَهُمُ ٱلۡعِلۡمُۚ ﴾ [يونس ٩٣]
وقد أرسل موسى وهارون إلى فرعون لينقذهم من سلطة فرعون وبغيه عليهم لقوله تعالى مخاطباً رسله
﴿فَأۡتِیَاهُ فَقُولَاۤ إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرۡسِلۡ مَعَنَا بَنِیۤ إِسۡرَ ٰ⁠ۤءِیلَ وَلَا تُعَذِّبۡهُمۡۖ قَدۡ جِئۡنَـٰكَ بِـَٔایَةࣲ مِّن رَّبِّكَۖ وَٱلسَّلَـٰمُ عَلَىٰ مَنِ ٱتَّبَعَ ٱلۡهُدَىٰۤ﴾ [طه ٤٧]

وهم من تبعوا معظم الأنبياء والرسل الذي بعثهم الله
من اسرائيل والأسباط إلى يوسف إلى اليسع إلى موسى وهارون إلى داوود وسليمان الى زكريا ويحيى وعيسى عليهم جميعاً سلام الله ورضوانه

أما اليهود فهم كل من كفر من بني إسرائيل بالأنبياء والرسل الذين أرسلهم الله وكانوا الأكثر عداوة لهم
لقوله تعالى
﴿۞ لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَ ٰ⁠وَةࣰ لِّلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلَّذِینَ أَشۡرَكُوا۟ۖ ﴾
[المائدة ٨٢]
واليهود هم الذين تكبّروا وتعالوا على باقي الناس كونهم العباد الذين فضلهم الله على العالمين في زمانهم
لقوله تعالى
﴿وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ نَحۡنُ أَبۡنَـٰۤؤُا۟ ٱللَّهِ وَأَحِبَّـٰۤؤُهُۥۚ قُلۡ فَلِمَ یُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُمۖ بَلۡ أَنتُم بَشَرࣱ مِّمَّنۡ خَلَقَۚ یَغۡفِرُ لِمَن یَشَاۤءُ وَیُعَذِّبُ مَن یَشَاۤءُۚ ﴾ [المائدة ١٨]
هم من اتّخذوا عزيراً ابناً لله واتبعوه
وقال الله تعالى فيهم
﴿وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ عُزَیۡرٌ ٱبۡنُ ٱللَّهِ وَقَالَتِ ٱلنَّصَـٰرَى ٱلۡمَسِیحُ ٱبۡنُ ٱللَّهِۖ ذَ ٰ⁠لِكَ قَوۡلُهُم بِأَفۡوَ ٰ⁠هِهِمۡۖ یُضَـٰهِـُٔونَ قَوۡلَ ٱلَّذِینَ كَفَرُوا۟ مِن قَبۡلُۚ قَـٰتَلَهُمُ ٱللَّهُۖ أَنَّىٰ یُؤۡفَكُونَ﴾ [التوبة ٣٠]
فجميع الآيات التي ورد في سياقها كلمة اليهود هي ذم و قدح و توبيخ من الله لهم جميعاً لقوله تعالى
﴿وَقَالَتِ ٱلۡیَهُودُ یَدُ ٱللَّهِ مَغۡلُولَةٌۚ غُلَّتۡ أَیۡدِیهِمۡ وَلُعِنُوا۟ بِمَا قَالُوا۟ۘ بَلۡ یَدَاهُ مَبۡسُوطَتَانِ یُنفِقُ كَیۡفَ یَشَاۤءُۚ ﴾ [المائدة ٦٤]
وقوله تعالى
﴿ یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ لَا تَتَّخِذُوا۟ ٱلۡیَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰۤ أَوۡلِیَاۤءَۘ بَعۡضُهُمۡ أَوۡلِیَاۤءُ بَعۡضࣲۚ وَمَن یَتَوَلَّهُم مِّنكُمۡ فَإِنَّهُۥ مِنۡهُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ لَا یَهۡدِی ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّـٰلِمِینَ﴾ [المائدة ٥١]
هم ظالمين كافرين بكل ما نزل من الله تعالى على أنبيائه ورسله
وهم من عادى رسول الله من بداية الدعوى وحتى نهايتها لقوله تعالى
﴿وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡیَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ ﴾ [البقرة ١٢٠]
فقد حذر الله تعالى رسوله عليه الصلاة والسلام من الاقتراب منهم وإتباع ماتهوى أنفسهم بمعاداة رسل وأنبياء الله
وقد ادعى اليهود بأن ابراهيم عليه سلام الله منهم وفيهم أي يهودياً مثلهم لكن الله أبطل إدعاءهم هذا ونفاه تماماً حين قال
﴿مَا كَانَ إِبۡرَ ٰ⁠هِیمُ یَهُودِیࣰّا وَلَا نَصۡرَانِیࣰّا وَلَـٰكِن كَانَ حَنِیفࣰا مُّسۡلِمࣰا وَمَا كَانَ مِنَ ٱلۡمُشۡرِكِینَ﴾ [آل عمران ٦٧]
لا يمكن أن يكون ابراهيم عليه سلام الله من اتباعكم أو من انصاركم  أو من مؤيديكم بل هو على دين الإسلام الحق دين الله الوحيد الذي ابتدأه بنوح وختمه بمحمد صلوات الله عليهما مروراً بجميع الأنبياء والرسل
عليهم جميعاً سلام الله ورضوانه
لقوله تعالى
﴿إِنَّ ٱلدِّینَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَـٰمُۗ ﴾ [آل عمران ١٩]
فلادين لله تعالى سوى دين الإسلام
وليس المقصود بدين الإسلام هنا هو الدين الذي نزل على محمد صلوات الله عليه وسلامه بل الدين الذي نزل وأنزل على نوح وإبراهيم وموسى وعيسى وختمه محمد
عليهم جميعاً سلام الله ورضوانه
جميعهم مسلمون أي مقرون بوحدانية الله تعالى ومؤمنين به وبملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وكلهم يعملون الصالحات من الأعمال
والحمدلله رب العالمين

العبد الفقير لله زكريا الحمود

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة