الخياطة / للأستاذ محمد حسن سلمان /
.......
رسائل مبعثرة
الخياطة
عزيزتي مرام
أرسلت لك صورة ابنتي
خلف ماكينة الخياطة
كتب الله لها أن تكون خياطة
تقضي النهار وتقيم الليل
خلف ماكينة حفظت رقمها الوطني أكثرمن موظف السجل المدني
واستمعت لشكواها حين أغلق الوطن بوجهها كل الطرق بحجة الأزمة
وبادلتها الحديث عن آلامها مع المخمل والكتان والأقمشة الممزوجة بالبولستر الوطني
تلك الماكينة الرحيمة
طالما أخْبَرتْها عن قصصها مع الألوان والخيطان والفروق الطبقية بين المخمل والدريفيرا
وتركتها تمرح بقدمين ضيعتا الطريق إلى المدرسة
وآنستا دوّاسة حديدية أتقن الصينيون صناعتها بما يناسب بناتنا
ذلك أن المتنبئ الهولندي أبلغهم عن فتيات بعمر الورد تركن المدارس إلى ماكينات الخياطة
غير راغبات
لكن راضيات بما كتب الله لهن
ولم تكن نبوءته هذه المرة عن زلزال
إنما عن حرب
لم يعد ذلك سراً
عزيزتي مرام
في الصورة
ماكينة الخياطة الصينية الصنع
ماركة (جاك)
التي لامست أناملها وهي تمضي خلف خيط لايرى بالعين المجردة
ياله من خيط خبيث
يسحب قلبها الموجوع إلى سلال تملؤها بالجوخ والقطن والصوف والبولستر
من ثم لتحصل على القليل القليل من الأجر
عزيزتي مرام
لاخوف اليوم على ابنتي
لديها صديقة تكبدت عناء السفر من الصين لمساعدتها
تتقبل منها كل شيء دون تململ
هروبها الدائم في الإستماع للأعنيات الهابطة
صراخها وبكاءها وتذمرها وحالات اليأس التي تصيبها
شرودها وشقاوتها وتمردها على من حولها
حزنها العميق وقلقها وما تحطمه يداها عند الغضب
إلى أكثر من هذا وذاك
تتلمس أكزيما يديها وتأسف
وتراوغ الخيط كي ينقطع فتنعم بقسط من الراحة
مبارك عليها ....
صديقتها( جاك)..... الماكينة الصينية
عزيزتي مرام
قد أكون مخطئاً
ولكن صدقيني
لو خُيرتُ بانتمائي لأخترت بأن أكون صينياً
محمد.....
22-9-2024
تعليقات
إرسال تعليق