خير الدين الزركلي / للأستاذ ظهير الشعراني /

خير الدين الزركلي في ذكرى وفاته :
ألف الأستاذ خير الدين الزركلي قاموساً سمّاه " الأعلام " جعله لتراجم الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين , نشره للمرة الثانية موسّعاً ومُفصّلاً , وكتب في الجزء العاشر منه موجزاً لترجمة حياته بقلمه فقال : " خير الدين بن محمود بن محمد بن علي فارس الزركلي ( بكسر الزاي والراء) الدمشقي" .
وُلدْتُ ليلة 25حزيران عام 1893 في بيروت وكانت لوالدي تجارة فيها , وهو وأمّي دمشقيان , فتعلمتُ في مدارسها الأهلية , وأخذتُ عن علمائها على الطريقة ا لقديمة , وأولعْتُ بكتب الأدب ,وقلتُ الأبيات من الشعر في صباي ,وأديتُ امتحان القسم العلمي في المدرسة الهاشمية ودرستُ فيها .
هذه بعض الخطوط الكبرى التي رسمها الزركلي لحياته بقلمه , وهي تدل على أنه نشأ في دمشق وترعرع فيها كما إخوانه من الشعراء , فشربت عيناه من جمالها ومشاهدها الفاتنة , وتلقن آلات اللغة وعلوم العربية على مشايخها , فأخذ عنهم حبّ العربية , وعشقها صغيراً , وفهم بعض أسرارها كما عشق العروبة , فأولع بالتراث العربي الزاخر , وتنفّس بأريج الشعر منذ صباه , كما فعل خليل مردم وشفيق جبري والبزم , وصحب مخطوطات المكتبة الظاهرية وكتُبها الصفراء .
أصدر مجلة " الأصمعي " فأراد أن ينشر على الناس ذوبَ تفكيره وخلاصة أدبه فقامت السلطات التركية بإغلاق المجلة , مما اضطره إلى الهجرة إلى بيروت , فتعلم الفرنسية وأصبح مدرساً لها في " مدرسة اللاييك" . أما الشعر فقد نظم الزركلي في كل أنواع الفنون الشعرية , وجمع شعره في مجموعة سمّاها " عبث الشباب " ولكنها احترقت والتهمتها النيران , فأضاعت علينا كثيراً مما كنا نود أن نطلع عليه .
عارض الزركلي قصيدة " ياليل الصبُ " فصبّ في معانيها وفي أقوالها , فجاء صورة للشعر القديم مبنى ومعنى قال" :
      ممشوقُ القامة أهيفهــــــــا ....معسولُ الريق مبــــــــرّدهُ
      ضمّتهُ الشمس تُقبلــــــــــه ُ ...والبدرُ تولـــــــى يحســـدهُ
      لو أطلق سحرَ لواحظــــهِ ....في الأنجم همّت تعبـــــــدهُ
      ماحيلة شاكي لوعتــــــــه ....والقلب رماه مقصـــــــــدهُ
في عام 1921 ذهب الزركلي إلى عمّان ولبث فيها عامين كاملين يعمل مفتّشاً عاماً للمعارف , ثم رئيساً لديوان رئاسة الحكومة , كما عُيّن مستشارأ للمملكة السعودية في مصر سنة 1934 , وقد اختير عضواً للمجمع العلمي العربي بدمشق سنة1930 وعضواً لمجمع اللغة العربية بمصر سنة 1946 .ومن قصيدة " فيمَ الونى" نقتطف هذه الأبيات :
فيمَ الونى وديارُ العرب تُقتســـــــــــمُ
أين العهود التي لم تُرْعَ والذمــــــــمُ
هل صحّ ماقيل من عهد ومن عــــدةٍ
وقد رأيت حقوق العرْب تُهتضــــــمُ
مابالُ بغداد لم تنبس بها شفـــــــــــةٌ
وما لبيروت لم يخفق بها علـــــــــمُ
إن لم يكنْ في حياة المرء من شرفٍ
فإنها بالردى قد تشرفُ الأمــــــــــمُ
طيّب الله أوقاتكم بالخير
ظهير الشعراني .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة