سراب / للأستاذ سليمان شاهين /
........................ سراب .......................
لَكَمْ يبدو السَّرابُ لِعينِ رائي
جميلاً ، إذ يَبينُ كعينِ ماءِ
و لكنْ في الْتِمَاعَتِهِ خِداعٌ
تُخلِّي طالبيهِ من الظِّماءِ
وإنْ يَرَهُ العَطاشَى ذا رُواءٍ
فمَنْ يَتْبَعهُ يَنْأَ عنِ الرِّواءِ
ومن ينشُدْهُ يوماً في إناءٍ
يَعُدْ من غير ماءٍ في الإناءِ
بِِمَنْ ساسَ البلادَ له شبيهٌ
إذا ذُكِرَ التَّعَذُّرُ في الحِباءِ
أرانا البِشْرَ لكنْ دونَ جدوى
و لا تروَى الظَّمَاءَةُ بالتَّرائي
حَسِبْنا البِشْرَ إِيذاناً بِخيرٍ
و خِلْناهُ يُبَشِّرُ بالهَناءِ
فلا ذو الهَمِّ هَوَّمَ في هَناءٍ
ولا ذو الحَكِّ حِيلَ إلى هِناءِ
سَهَونا عنْ شَواغله فلمَّا
صَحَونا لمْ نَجِد غيرَ الهَباءِ
بِطانتُهُ تمادتْ في فَسادٍ
وغالَتْ في الرَّفاهةِ والثَّراءِ
وكانت قد تعامَتْ عن سِواها
و خلَّتْهمْ فرائسَ لِلشَّقاءٍ
وكالذٌُؤبانِ كانوا في قطيعٍ
يَخالُ بأنَّهمْ خيرُ الرِّعاءِ
ولم يكُ فيهمُ شهمٌ شريفٌ
فيظفرَ في الحَفاوةِ والثَّناءِ
فلم يأْوَوا لِذي جُوعٍ وخوفٍ
ولمْ يَأْسَوا لِذي داءٍ عَياءِ
أُبِيحَ لِزوجِه ما كان يدنو
وما يَنْأَى على حَدٍّ سَواءِ
فما تركت لِذِي الأَموالِ مالاً
وما أبْقَتْ لِراجٍ مِنْ رَجاءِ
فقد كانَ الجميعُ لها كَشَاءٍ
متى شاءت تُحِلْهُ إلى شِواءِ
ألا يا ضَيعةَ الأشعارِ فيهِ
بِحَمْدٍ لو تصيرُ إلى استياءِ
فما قد قيلَ منسوخٌ بِتَالٍ
ولم يَكُ ما مَضى غيرَ الهُراءِ
فَفي نَفقٍ كأنَّا قد سَرَينا
وليس به بصيصٌ منْ ضِياءِ
عَسانا إنْ ضَلَلْنا عنْ سَناهُ
نصيرُ اليومَ نَنْعمُ في السَّناءِ
ونَلْقَى ما افتقدنا مِنْ أمانٍ
ومن شِبَعٍ وعَيشٍ في رخاءِ
وتَخجَلُ فَورةُ الأسعارِ مِمَّنْ
عَصاهم ماابتَغَوهُ في الشِّراءِ
ويَهوِي الظّلمُ لا يلقَى نصيراً
له أبداً بجَهرٍ أو خَفاءِ
و ينقشعُ التَّمَلُّقُ و التَّجافي
وتُذْرَا الطَّائفيَّةُ في الهواءِ
ويزذهرُ التَّسامحُ والتَّداعي
إلى نَشْرِ المودَّةِ والإخاءِ
رسولُ اللهِ سامحَ مَنْ أتَوهُ
و لاقاهمْ بإلْقَاءِ العَداءِ
وإنَّ اللهَ غَفّارٌ و يدعو
لِمَغفرةٍ تَعُوضُ عنِ الجَزاء
و مََنْ يَكُ ظَنُّهُ بالله خيراً
يَجِد عِوَضَ السَّرابِ عيونَ ماء
......................
سليمان شاهين/أبو إياس/
الرِّواءِ : الذين شربوا وارتووا
الرُّواء : حسن المنظر
الهِناء : القطران وهو دواء الحكَّة
الرِّعاءِ : جمع لراعي
تعليقات
إرسال تعليق